كما اعتاد دائماً في نوبة حراسته الليلية؛ أن يطفيء مصباح ذلك الكشك الخشبي الصغير، ويترك الكشافات الكبيرة المثبتة أعلى الكشك لتنير له الطريق الترابي المقفر، وتكشف له عن بوابة ذلك المعسكر المهجور الذي يجلس أمامه لحراسته..
مجند شاب، في لباسه العسكري الأسود، ملقاة بندقيته الميري والبوريه فوق منضدة خشبية بجانبه؛ كان جالساً على مقعد خشبي مثبت إلى جدار الكشك؛ يعبث بمحوِّل محطات مذياعه الصغير؛ باحثاً عن محطة الغناء..
شعر فجأة؛ بأن هناك قط أسفل الكرسي، يخربش بأظافره سمانتي ساقيه؛ نتر ساقيه بعيداً؛ انتفض واقفاً، أضاء المصباح، انتصب متعجباً ومتسائلاً : كيف دخل ذلك القط أسفل الكرسي؟ ومن أين أتى القط أصلاً وكل ما حولي صحراء جرداء؟.
قرفص أرضاً أمام الكرسي، تفصد العرق من جبينه؛ نظر أسفله متوجساً...
- أنا بهذر معاك ياعم، إنت مبتحبش الهذار ولا إية؟!.
قالها قط أسود ضخم، برأس إنسان صغير يكسوه الشعر الأسود، ويتوسطه عيني قط واسعتان. وقبل أن ينهيها؛ دوتْ صرخة المجند وانطرح جثة هامدة..
تمتم القط غاضباً:
- واضح إن الهذار قلب جد!.
ثم ذاب في الهواء كالدخان..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق