في المحطات الاذاعية المكنية FM وبعض القنوات الفضائية والتلفزيونية عندما استمع إليهم لا أفهم شيئاً وسرعان ما أشعر بأني غبي!.
المذيعين والمذيعات والضيوف والضيفات وخاصة من الشباب؛ لا يتحدثون لغة واضحة، لا هي عربية فصحى ولا هي عامية، ولكنها عربية وعامية وانجليزية، وأنا لا أتقن الإنجليزية، لذا أشعر بأني لا أفهم شيئاً، الصورة غير واضحة أمامي.
إذاً؛ هل هوخطأي أنا؟!.
لا بالطبع؛ ليس خطأي أني لم أتقن الإنجليزية فهذا شأن خاص بي؛ إنما أنا في بلد عربي، ومن حقي أن أجد إعلامي يتحدث بلغتي العربية، أو العامية التي هي من العربية..
أتساءل على سبيل المثال؛ هل يوجد في المحطات الإذاعية الأمريكية أو البريطانية والقنوات التليفزيونية من يمزج اللغة الانجليزية بالعربية؟!
قطعاً لا يوجد، لأنهم يعتزون بلغتهم، إنما نحن نخجل من لغتنا، ونشعر بأنها عاجزة وناقصة وسرعان ما نطعِّمها بالمفردات الانجليزية؛ لذا فأعتقد بأنه بعد مرور 10 سنوات لن نجد بإعلامنا من يتحدث العربية إلا من رحم ربي..
فإن حدث ولم أفهم مزيجهم العجيب، فهذا لا يُعد غباءً مني، بل خطأً من أولئك المسؤولين والإعلاميين الذين يستعرضون على مسامعنا كمية المفردات أو اللغات التي يجيدونها، أو يوحون لنا بأن تعليمهم وثقافتهم وشهاداتهم عالية وقد تكون أعلى من هرم خوفو؛ وأنا لا مشكلة لديّ ..
أيها الإعلامي؛ هل الثقافة هي الإنسلاخ من ثقافتك التي درجت عليها، والتشبث بثقافات الغير؟ أم الفذلكة والحذلقة أمام الكاميرات والميكروفونات؟ أم أن الثقافة هي أن يَفْهَمَنِي - كإعلامي - جل المواطنين من الخفير إلى الوزير وأزيد احترامهم لنفسهم وأزيد محصلتهم الثقافية والعلمية؟.
أنا أعرف أنهم مثقفون - هذا لا شك فيه - ومتعلمون ولديهم سبع لغات وأمهم، ولكني جاهل بعائلة لغاتهم تلك؛ ليس لدي سوى لغة واحدة يتيمة، لستُ مثلهم، بل إني أصارع لأُتقن كتابتها؛ وهي لغتي العربية السامية، وأريد أن أفهم منهم، وأريد من هذا الإعلام أن يحترم عقلي «وخاطبوا الناس قدر عقولهم» أليس كذلك؟ لأنه بهذا الإسلوب؛ وهو ”التثاقف“ يكن قد فشل ذلك الإعلام في آداء رسالته، فشل في أن يكون إعلام المجتمع بجل طبقاته؛ فشل في أن يكون إعلام مصر، إنما انحصر وأصبح موجه لطبقة واحدة فقط؛ وهم من يجيدون مزج اللغات في ”كوكتيل“، وهذه عين الطبقية، وأنا أربو بإعلامنا عن هذه التهمة... أم أن القضية كلها لا صلة لها برسائل وقضايا وإنما هي عملية ربحية محض؟ وإن كانت كذلك فهذه قصة أخرى بالطبع لست بصدد الحديث عنها..
وإن استمر الحال على هذا المنوال، فمما لا شك فيه ستندثر اللغة العربية من إعلامنا بشقيه؛ المرئي والمسموع على أيدي هذا الجيل من الاعلاميين الذي بدا أن لديه مشاكل في الانتماء لهذه اللغة، أعظم اللغات وأسماها، وستظهر أجيال بعد أجيال ونتنازل ثم نتنازل حتى نُصبح أجانب على أرضنا، وتتحقق أحلام من يسعون خلفنا لإسقاط عباءة انتمائنا من فوق أجسادنا، لنصبح عراة من الانتماء، وللقضاء على ثقافتنا؛ من لغة ودين وعادات وتقاليد وأخلاق وتراث، ثم نصبح نُسخة رديئة بالية من أي ثقافة أخرى لا تتناسب معنا..
مالهم لا يفتخرون بلغة الضاد؛ ذلك الحرف الذي خلت منه لغات العالم، واحتوته العربية، وسُميّتْ به؛ تلك اللغة التي يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة؛ موزعون مابين الوطن العربي وتركيا وإيران وتشاد وإرتريا، والتي تحتوي على 12,3 مليون كلمة، و 16 ألف جذر لغوي، مقابل اللغة الإنجليزية التي يمزجونها بالعربية والتي تحتوي على 600 ألف كلمة فقط؛ واللاتينية التي تحتوي على 700 جذر لغوي فقط، فكيف نأخذ من لغة ناقصة، لنسبر غور لغة تفوقها بملايين الكلمات؟!..
وجدير بالذكر أن اللغة العربية هي اللغة السادسة بمجلس الأمن، واللغة الرسمية للوطن العربي، ولغة عبادة المسلمين في جميع أنحاء العالم، وتعد اللغة الثانية في إرتريا وتشاد و”إسرائيل“ ..
وتحتوي اللغة العربية على 28 حرف، وتكتب بحروفها عدة لغات أخرى مثل؛ الفارسية والكردية والملايوية، والتركية سابقاً، واليوم العالمي للغة العربية هو 18 ديسمبر؛ وهو يوم اعتمادها بمجلس الأمن..
وأخيراً؛ فهي لغة القرآن العظيم، ولغة تراث الحضارة الإسلامية التي علمتْ العالم كيف يتقدم، وللأسف عجز الآن حاملوها عن أي تقدم؛ ذلك لأنهم يتأرجحون ما بين الثقافات واللغات، بلا ثقافة ولغة يرتكزون عليها ويحترمونها ويفتخرون بها، ومن ليس له ماضِ فمن الصعب أن يصنع له مستقبل؛ ونحن لنا أكثر من ماضٍ وحضارة؛ كالمصرية القديمة،والإسلامية، ولا نزل عاجزين عن صنع مستقبل... أين مكمن العجز؟!..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق