القاتل المحترف | قصة قصيرة لرمضان سلمي - مدونة رمضان سلمي برقي

اخر الأخبار

مساحة اعلانية

مرحبا بكم

الأحد، 25 أكتوبر 2015

القاتل المحترف | قصة قصيرة لرمضان سلمي



ذات ليلة عدتُ من عملي متأخراً، وقفتُ أمام الشقة التي استأجرتها مؤخراً في منطقة عشوائية، بالطابق الأرضي.
أدخلت المفتاح بمخدعه، وسرعان ما شعرت بالخوف والقلق؛ أحسستُ لوهلة أنه بالداخل؛ توقفتْ يدي عن تحريك المفتاح ، نظرتُ من العين السحرية، ولكن لم أر شيئاً سوى الظلام الحالك!.
- يالي من ذكي!.
لقد نسيتُ أن العين السحرية يُنظر فيها من الداخل وليس من الخارج، لكن لا بأس.
نظرتُ إلى أسفل فوجدت آثار رجليه على المشاية فتأكدتُ أنه بالداخل ، أجل بالداخل .
لقد جاء برجليه لكي يلقى حدفه داخل شقتي الصغيرة ، الليلة ستسيل دماؤه فوق سجادتي الخضراء ، إن كانت عنده دماء أصلاً، هو الجاني على روحه ، وهذا جزاء من يدخل شقة غيره ويعبث بها..
 حمستُ قلبي، وابتلعت ريقي ، شجعت نفسي وكررت تلك العبارة:
- أنا شجاع وأستطيع فعلها، وسأثبت للعالم أجمع أني سأفعلها ، سأفعلها ..
تهيأتُ نفسياً للمعركة ، نظرتُ إلى عضلاتي وتحسستها فوجدت حجمها مازال صغيراً ولم تفتل بعد ! ولكن لا بأس بها مادام هناك إصرار وعزيمة ، فإن شاء الله ستفتل وتتضخم وقت المواجهة ..
 بدأتُ فتح الباب بكل هدوء ورقة، ودخلتُ الشقة ..
- إنها معتمة!.
يا ربي ! أنا أخاف من الظلام ، وكيف لي أن أقتله بالظلام ، حتماً سيتفلتُ مني ويهرب ..
بدأت أتحسس الجدار بيدي وكلي خوف من أية مفاجأة... أخيراً وجدتُ المقبس ، وسرعان ما أنرت الشقة.
 وحالما انتشر الضوء بالشقة لمحته يركض هارباً مذعوراً إلى غرفة المطبخ، وصرخاته تعلوا، لربما قد بلل نفسه رعباً مني الآن!.
- أووووووووووووه، ياللقرف .
ضحكتُ وتلذذت بصرخاته كثيراً، لقد وقعت على أذني كإحدى سيمفونيات بيتهوفن التي لم أسمعها طيلة عمري ..
- أيها الدخيل صدقني لن تصرخ كثيراً يا عزيزي فأنا قادم ، لأُخلصك من جميع عثراتك وكبواتك، بل سأخلصك من حياتك ..
انقشع الخوف من قلبي ، تحليت بالشجاعة والجرأة والإقدام ، تذكرت سنواتي التي قضيتها بالخدمة العسكرية ، وإلى أي مدى قد كنت شجاعاً ورمزاً للجندي الشرس والقوي الذي لا يهاب المخاطر .
- كانوا يلقبونني بالنمر .
ولكن سرعان ماتذكرت أنني لم أقضِ خدمتي العسكرية من الأصل، وقد حصلت على شهادة الإعفاء منذ أعوام ، لأن جسمي نحيف جداً وضعيف جداً وقامتي قصيرة جداً جداً، ولكن تلك الأوصاف التي ألصقتها بنفسي كانت لبطل فيلم الحركة الهندي  الذي شاهدته بالأمس!.
لطالما حلمت بجسداً ضخماً مكتنزاً بالعضلات المفتولة، كي تُعجب بي إحداهن وأتزوج فقد سئمتُ الوحدة.
ولكني قررتُ أن أتوقف عن حالة التفكير والسرحان التي تملقتني وقتذاك ، وأدافع عن شقتي ومطبخ شقتي في وجه هذا الدخيل.
سيأخذ درساً لن ينساه ولن يتذكره لأني سأقضي عليه بعد ثوانٍ معدودة ، سيصبح فقيداً،  وسأُبكي عليه أهله إن كان له أهلاً، لقد مات قلبي ودفن وأخذت عزاؤه من سنين ..
- رااااااااااااائع!!.
ماهذا لقد تشرب قلبي القسوة وأصبح كالحجر ، حتى صار قتل أحدهم عندي كقتل أحد الأشباح بلعبة ”بيت الرعب“ التي كنت ألعبها دائماً على حاسوبي ..
- هااااااااااااااااااااع .
خطوتُ الى المطبخ بهدوء وكبرياء ، وكلي ثقة بنفسي ، وتعلوا هامتي ابتسامة نصر محقق ، وكلي اطمئنان بأنه ميت لا محالة ..
وما إن وصلت المطبخ حتى تغيرت ملامح ابتسامتي إلى صدمة ..
- أين الدخيل ؟.
لقد اختفى ! ياربي؛ من سأقتل الآن؟ يالحظ عضلاتي التي لن تتضخم يوماً، يالعزمي وإرادتي ، يالقلبي الذي أصبح حجراً؛ هل آن له أن يتفتت قبل أن أقتل أحدهم؟.
- ولكن لن أستسلم لهذا المتطفل أبداً.
بدأتُ أبحث عنه بالمطبخ ، حتى وجدته ، أجل وجدته ، لقد عادت لي ابتسامتي وشجاعتي ، لقد عاد قلبي حجر كما كان.
الآن هي فرصتي لإثبات ذاتي. عندها نزلت عليه بقدمي لأسحقه، ولكنه ابتعد ، فلاحقته ونزلت عليه بقوة قدمي فأصبته؛
عندئذ تيبس موضعه ينزف دماءً، وبدأت صرخاته تعلوا وتعلوا.
انتهزتُ إصابته وضعفه وعدم مقدرته على المقاومة ، ونزلتُ عليه بعدة ضربات متتالية بلا رحمة وبلا شفقة ، مرات ومرات ، وتعلوا ضحكاتي المخيفة فرحاً بما أفعل ، وكررتها كثيراً:
- مُتْ أيها الحقير القذر فلم يعد مرحب بك في شقتي ، لقد سئِمتُ مطاردتك، آخيراً تم دعسه تماماً، ولقي حدفه على يدي ، وفي مطبخي ..
- لقد فعلتها ونجحت!.
ذلك الصرصور الذي لطالما أتعبني من الجري خلفه كثيراً، لقد مات آخيراً وسأنم الليلة في هدوء.
- سأحمل الجثة الآن على الجاروف البلاستيكي، وسأرمي بها في سلة القمامة بالخارج.
وما إن أدرتُ ظهري، حتى صُعِقتُ من الصدمة؛ لقد وجدتُ سرباً كبيراً من الصراصير يدخلون شقتي وينتشرون في كل مكان ، لقد تركوا سلة القمامة بالخارج واحتلوا شقتي ، لأني تناسيتُ أن باب الشقة مفتوح!.
- عااااااااااااااا!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق