الباسم والعبوس|قصة قصيرة لرمضان سلمي - مدونة رمضان سلمي برقي

اخر الأخبار

مساحة اعلانية

مرحبا بكم

الخميس، 26 يناير 2017

الباسم والعبوس|قصة قصيرة لرمضان سلمي


جلسا صديقان في العقد الثالث من العمر، على مقهى يتسامران، الأول وجهه عبوس مقطر، والثاني وجهه باسم وضاء، فقال الباسم لصاحبه العبوس:
- مالي أراك ياصديقي عابس مقطر، ما خطبك؟.
فأجابه العابس:
- والله إن لي حاجة عند الله، وكأين من دعوة دعوتها ولم تستجب، حتى قنطتُ من الإجابة، وما عرفتُ السب!.
فقال الباسم:
- أما أنا ياصديقي فمتى دعوتُ الله استجاب لي ولو بعدها بحين.
نظر له العبوس مندهشاً، فقال له الباسم:
- لا تندهش، سأقص عليك حادثة وقعت معي، كانت سبباً في قبول دعواتي؛ بالطبع أنت تعرف أني موظف في شركة حكومي؟.
فأجابه العبوس:
- بالطبع أعرف!.
فأكمل الباسم حديثه قائلاً:‏
- «ذات يوم قدمتُ طلب ترقية في العمل لأرتقي لقسم راتبه أعلى بعشرات الجنيهات من القسم الذي كنتُ أشغله وقتذاك، وكنت واثقاً في نفسي بأني خليق بتلك الترقية ومستحق لتلك الزيادة، ولما دخلتُ على مدير الشركة مكتبه، رحب بي، وبعدما قرأ الطلب، نظر لي قائلا:
- طلبك محل النظر..
عندها فرحت فرحاً شديداً، فقال لي:
- لي رجاء عندك؛ أنت دائم التأخير عن موعد الحضور، فمتى تنضبط في مواعيدك سأنظر في طلبك؟.
فانصرفتُ من عنده وقد تلاشت فرحتى، ولكني قررتُ أن أنضبط لكي أفوز بالترقية، وبالفعل انضبط، ومرت الأيام، فطلبني المدير مرة أخرى، فذهبتُ إليه، فقال لي:
- أعرف أنك انضبتْ في مواعيدك، لذلك طلبك محل النظر.
عندها فرحتُ فرحاً شديداً، فقال لي:
- زميلتك "فلانة" تشتكي من نظراتك لها، وتبجحك معها، وهي مستحية من زجرك، ولكنها أخبرتني عندما سألتها عن سبب طلبها الانتقال من القسم الذي يضمكم، لذا رجاء عدم مضايقتها؟ ومتى تأكدتُ بأنك انصرفتْ عنها فإن طلبك محل النظر؟.
فانصرفت من عنده وقد تلاشت فرحتي، وقررتُ أن أتغاضى عنها، وأعاملها وكأنها أخت لي ولا أضايقها ثانية، ومرت الأيام وفعلت، فطلبني المدير، فذهبتُ له، فقال لي:
- علمتُ بأنك انصرفت عن مضايقة زميلتك لذا طلبك محل النظر.
عندها فرحتُ فرحاً شديداً، فقال لي:‏
- علمتُ بأن زميلك "الفلاني" دائنك، وعلمتُ أنك تماطله في رد ذاك الدين ، لذا فإن لي رجاء عندك أن تسدد ديونك، ومتى تأكدتُ بأنك فعلت فإن طلبك محل النظر؟.
فانصرفتُ من عنده وقد تلاشت فرحتي، فمرت الأيام ورددت لكل ذي حق حقه، وطلبني المدير فذهبت إليه، فقال لي:
- علمتُ بأنك سددت ديونك لذلك طلبك محل النظر.
ففرحت فرحاً شديداً، فقال لي:
- علمت أن إنتاج عملك ضئيل، فرجاء أن تحاول بذل جهد أكثر، ومتى تأكدتُ بأنك فعلت فإن طلبك محل النظر؟.
فانصرفتُ من عنده وقد تلاشت فرحتي، حتى أوشكت على فقدان الأمل، ولكني رحت أعمل بنهم وجدية حتى ضاعفتُ إنتاجي، وبعد مرور شهر طلبني المدير فذهبت له فقال لي:
- علمت بأن انتاجك تضاعف، ولذلك طلبك محل النظر!.
عندها لم أفرح كسابق عهدي، لأني شككتُ بجديته، عندها قال:
- لي رجاء عندك...
ثم صمت لحظات؛ عندها شعرتُ بأني قد ضقتُ ذرعا من تلك الترقية ياصديقي، وتيقنتُ أنه سيماطل من جديد، فهممت أن أصرخ به وأقول له: "لماذا تحيرني حيرك الله" ولكنه سبقني وقال:
- لي رجاء عندك أن تحافظ على منصبك الجديد، فقد تمت ترقيتك، وتبين لنا مدى صبرك وجلدك، وتأكدنا من جديتك، فهنيئاً لك الترقية..
صدقني لقد فرحتُ فرحاً لو وزِع على أهل الأرض لأكفاهم، وقد نسيت تعبي مقابل حصولي على الترقية، ومنذها وقد تعودت الانضباط والاجتهاد!»
تبسم العبوس متمتماً:
- سأطلُب لك شاياً على حسابي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق