كثير من الأشخاص المتلفعين بالثقافة في بلادنا يقولون:
”أن مجتمعاتنا تعاني من كبت جنسي، وحرمان، وأن هذا بدوره قد أدى إلى تفشي التحرش والاغتصاب والزنا والأمراض النفسية، وأن ذلك تختص به مجتمعاتنا الإسلامية خصوصًا لأن الدين بها يحرم الجنس خارج الأطار الشرعي.“
وخلفية ذلك هي تأخر سن الزواج لدى الجنسين جراء ظروف البلاد الاقتصادية المزمنة؛ وأتحفنا أولئك بأن الحل ربما يكون في "إتاحة الجنس للجميع" خارج الإطار الشرعي! ليتخلّص الشباب من رسن الحرمان الذي يطوِّق جيده ليخطوا نحو الأمام بلا قلق يشغله؛ أي أن التقدُّم والرقي يتوقف على تلك العملية الدراماتيكية!
أعتقد أن كل ذلك محض كذب وافتراء ولوي لأذرع الحقائق؛ التحرّش والاغتصاب والزنا ليس حِكرّا على مجتمعاتنا، بل ثمٌة دول مُنفتحة نسبة تلك الانحرافات الجنسية لديها أضعاف ما عندنا؛ يمكنك معرفة ذلك بسهولة، بل إن الرجل المتزوج يتحرّش ويغتصب، ويزني ويتزوج مرات أخرى.
المشكلة ليست مقتصرة فقط على تفريغ شهوة؛ كمثل بعض من الحيوانات الأليفة، التي يذهب مالكيها بإناثها إلى الذكر ليقضي حاجته فيها، ثم يعودون بها إلى حظائرهم، بغية حملها.
إن هذا ما جادت عنه قريحتهم، أو ما أرادوا إقناعنا به لأسباب توافق هواهم.
وحتى الذين يذكرون منهم "تسهيل الزواج" كحل يضعونه في كفة وبضعون بالكفة الأخرى "إتاحة الجنس خارج الإطار الشرعي" إما هذا وإما ذاك، وكأن ذلك حل وذاك حل؛ الاول حل إنما الآخر ليس حل.
وهذا أيضًا تدليس وكذب، ومحاولة أخرى لحشر الإباحية ومن ثم نشر الفساد، ووضع الأوهام في موضع "الحل" وموضع الجد.
أما الحقيقة فأنا أراها تتلخّص في كلمة؛ ألا وهي "الأسرة"، الاحتياج إلى الجنس الآخر: وجوده، شراكته، روحه، أُنسه؛ وكسر قضبان الوحدة به.
مافائدة زيارة "تفريغ شهوة" لإحدى شقق الدعارة أو بصحبة عاهرة أو مكبوتة محرومة مثلك بترخيص من القانون؟
أليس هذا ما يريدونه! وماذا بعد؟
العودة للوحدة؛ تأكل لوحدك، تغسل لنفسك، تُحرم من الذرية، تفتقر لتلك الحياة الهادئة -بغَض النظر عن نكد النساء- ونظرات المجتمع إليك التي تعتبرك منحرفًا أو شاذً، ولست كفء لثقة أحدهم.
وتظل أمراضك النفسية كما كانت بل ستزداد وبالًا.
وقد وقعت حادثة مخيفة منذ فترة ليست ببعيدة؛ لقد تم القبض على "طبيب" نساء وتوليد بالدقهلية، كان يزني بمرضاه من النسوة في العيادة ويصورهن، وتم كشف مكان الكاميرا! ووجدوا أكثر من عشرين "مقطع إباحي" صوره لزبوناته دون علمهن أو بعلمهن؛ الله أعلم.
ولما سألوه عن سبب ذلك قال: ”أن لديه حرمان جنسي وكبت!"
هل هذا وضع حرمان، وعدد النساء "المتزوجات" والمهول اللائي وافقن على الزنا؛ عندهن حرمان أيضًا أم أنهن عاهرات؟!
هذا إن استثنينا من يخدِّرهن وهذا إن فعل ذلك أصلًا.
لذا فإن كل حججهم فاسدة وما هي إلا دس للسم في العسل؛ فالمتحرش هو المتحرش، والعاهرة هي عاهرة، والمحترمة هي محترمة.
المسألة أخلاقية بحتة؛ تزكيها أدوات العولمة من تلفاز وانترنت، وثقافة مسمومة.
عافى الله أوطاننا من البلاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق