ذات سُفلى| قصة قصيرة لرمضان سلمي برقي - مدونة رمضان سلمي برقي

اخر الأخبار

مساحة اعلانية

مرحبا بكم

الثلاثاء، 23 يناير 2018

ذات سُفلى| قصة قصيرة لرمضان سلمي برقي



- أنا تعبان قوي!.
في آخر اتصال بيننا؛ قلتها لها، فخرجت من جوفي متهدجة حارة مستغيثة، عمياء تتحسس طريقها صوب أيما طوق للنجاة، تتخبط داخل نفق بحثاً عن منفذاً للهواء، أو بحثاً عن أيما قلب به رحمة أو بعض من بقايا مشاعر آدمية، ولكنها سألتني وكأنها غريبة عني، أو أنا غريب عنها، وتناست حبي لها، وحبها لي، أو تظاهرت بالتناسي بعدما اختارت الفراق بقلب مُطمئن حفاظاً على ماء وجهها، قالت:
- إيه اللي تاعبك؟!.
صمتُ، ولكن عيناي أبت الصمت، وسحت الدموع بلا مكيال، واشتعلت ناراً في أركان قلبي فانقبض، وازداد رجيفاً..
- مش بتاكل؟.
سألتني؛ أجبتها فخرج صوتي كصوت قادم من جوف الأرض، وقد سلخته الصخور والمعادن، فصار نسيلة عجفاء:
- باكل ياستي!.
- مش بتشرب؟.
- بشرب!.
- مش صحتك كويسة وبتشتغل؟!.
- الحمد لله؛ بشتغل أيوة!.
صمتت برهة ثم سألت بلهجة الموقن بالإجابة، الذي يعرف مابي، ولا أدري أكانت تريدني أن أجيبها وأقول لها"أنتِ" لتزداد كبرياءً فوق كبريائها! أم تريد لنحيبي أن يعلوا لتسمعه، وتزداد ذاتها السفلى تصخماً وسعادة بقهري، وجرحي وتذليلي، ثم تركيعي!..
- أومال إيه اللي تاعبك؟!.
أعرف أنها تعرف، ولكني قررتُ أن أعيد على مسامعها ما تعرفه، وتود أن تسمعه بحرقة، فقد راود مُخيلتي آنذاك مشهد كانت هي بطلته، مشهد من المُستقبل البعيد؛ رأيتها تبكي، وتندم أنها تركتني رغم علمها بقدر محبتي لها، وتتذكر كل كلمات الحب التي ألقيتها على آذانها الصماء، وقلبها الغُلف، وتزدري أيما سبب تحججت به قديماً لتُحِل لنفسها الفراق،
وكلما تذكرتْ كلماتي؛ ازداد نحيبها، وتيبس جسدها، وشحب وجهها، وسقطتْ في وهدة الوحدة أكثر فأكثر!.
إذاً هنيئاً لك المُسقبل بآلامه وأتراحه، وهنيئاً لي الماضي بذكرياته وأفراحه!. قلتُ لها وأنا على شفير الموت:
- اللي تاعبني، هو قلبي... اللي لسه بيحبك!.
تلجلت، تلعثمت، اغتاظت، نطقت جملتها التي بدا أنها قد استظهرتها جيداً، وخرجت كعزاء من يعزي في قتيل، قتله بيديه:
- أنا مبحبش حد!..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق